دير سوباط – موقع البارة

مقدمة
إن القرى الأثرية في شمال سوريا، والمعروفة أيضاً باسم المدن الميتةهي عبارة عن مجموعة من المواقع الأثرية الواقعة في شمال غرب سوريا والمنتشرة ضمن محافظتي حلب وإدلب. أدرج الامتداد الثقافي لهذه المواقع على قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2011 لتميزه بوفرة المواقع الأثرية العائدة للفترة الرومانية والبيزنطية. ولكن منذ اندلاع الصراع في سورية في عام 2011، تضرر عدد كبير من هذه المواقع الأثرية التي عانت من القصف أو الإشغال العسكري أو التخريب المتعمد والنهب.
يعتبر موقع البارة الأثري أحد أكثر المواقع اتساعاً ضمن المدن الميتة. تمتد قرية البارة بين العديد من الحقول والبساتين ذات الملكية الخاصة، وقد عانت من العديد من الانتهاكات مثلها مثل المواقع الأخرى في المنطقة. تضرر موقع البارة بشكل كبير جراء العمليات العسكرية وتدهورت حالته نتيجة لعمليات النهب والتخريب التي يقوم بها سكان المنطقة. فعلى سبيل المثال، قام المزارعون المحليون بتدمير بعض المباني الأثرية وإزالتها كلياً باستخدام الجرافات بهدف توسيع مساحة الأراضي المتاحة للزراعة. كما تم استخدام مباني الموقع كمقلع حجري لبناء البيوت الحديثة من خلال إعادة استخدام الحجارة المنهارة من المباني القديمة أو بالتخريب والتدمير المتعمد للمباني الأثرية القائمة بهدف استخدام حجارتها.
.
أهداف المشروع وإنجازاته
من أجل معالجة أو تخفيف الأضرار التي يعاني منها موقع البارة وباقي المواقع في هذه المنطقة، أطلقت سمات مشروعها الأول في البارة في تشرين الأول من عام 2017، وكان لهذا المشروع ثلاثة أهداف رئيسية:
- توثيق الأضرار التي تتعرض لها هذه المواقع الأثرية .
- التدخل الإسعافي والترميم الطارئ للمباني المتضررة للحفاظ عليها ومنع انهيارها وتلاشيها.
- زيادة وعي المجتمعات المحلية بالتراث وتعزيز علاقتهم بالمواقع الأثرية وإشراكهم في عمليات حفظها.
قامت سمات ومن خلال الاستعانة بالمختصين من الآثاريين من مركز آثار إدلب العاملين على أرض الواقع، بتنفيذ تدخل إسعافي طارئ لإنقاذ مبنى دير سوباط من الإنهيار وبالتالي تلاشيه نتيجة لإعادة استخدام الحجارة النشط في هذه المنطقة تم توثيق المبنى بشكل كامل من خلال التصوير الفوتوغرافي والوصف الدقيق والرفع الهندسي.
وبالتالي كان من السهل تحديد الاحتياجات اللازمة لإنقاذ المبنى، ووضع خطة عمل لاستبدال الحجارة المفقودة وسد الثغرة المحدثة في جدار الدير. وقد تم تنفيذ كافة أعمال الترميم الطارئ بطريقة يدوية وباستخدام التقنيات المحلية التقليدية للبناء كنحت الحجارة الجديدة لتحل محل الحجارة المفقودة واستخدام المونة التقليدية لربط الحجارة ببعضها البعض تمكن فريق الآثاريين العامل في سوريا من تقدير خبرة العمال المحليين المتخصصين في أعمال البناء التقليدية عن طريق توظيفهم ودمجهم في فريق العمل. وقد ساهمت مشاركة العمال من القرى المجاورة للموقع والتواصل مع المجالس المحلية قبل وأثناء تنفيذ المشروع في نشر رسالتنا التي تؤكد على أهمية هذه المواقع وأهمية الحفاظ عليها وبالتالي إشراك المجتمع المحلي في أعمال الترميم الطارئ وخلق علاقة جديدة بين سكان المنطقة وتراثهم .
الخطوات المستقبلية
يؤكد هذا المشروع على ضرورة تنظيم زيارات دورية إلى هذه المواقع لمراقبة حالتها بشكل منتظم والكشف عن الضرر بأسرع وقت ممكن، مما سيساعد في حماية الموقع من خلال التدخل الطارئ والسريع. لا يزال التواصل مع المجتمعات المحلية بحاجة إلى تعزيز لأن حماية الموقع لا يمكن أن تتم بمعزل عنهم. وبالتالي، ينبغي تنفيذ حملة توعية واسعة النطاق لتشمل سكان القرى المجاورة لموقع البارة وغيرها من المواقع في هذه المنطقة، وخاصة أصحاب العقارات والأراضي التي تنتشر عليها المباني الأثرية. يعتبر هذا المشروع بمثابة خطوة أولى من مبادرات سمات المستقبلية فمن الضروري تقييم نتائجها النهائية لتحسين الأعمال المستقبلية وبالتالي المتطلبات التي نحتاجها مستقبلياً. هناك بعض المباني الأخرى في موقع البارة التي تضررت بطريقة أو بأخرى ويجب حمايتها مثل بعض الكنائس أو القبور الهرمية. كما أنه هناك ضرورة ملحة لاستمرار أعمال التدخل الإسعافي والترميم الطارئ لنتمكن من حماية المباني الأثرية في قرى الكتلة الكلسية ولنساهم في تعزيز العلاقة بين المجتمعات وتراثها .
المونة التقليدية
تألف الخليط من واحد أو أكثر من المواد الصخرية الناعمة والماء، و يتصلب نتيجة تفاعل كيميائي ، ليصبح بالتالي قادر على الترابط مع الصخور الصلبة.
في العصور القديمة، كان يضاف للخليط عناصر أخرى من أصل نباتي أو عضوي أو الرماد، للحصول على تركيبات غير نافذة، أو أن يخلط الجير مع دهن الخنزير، أو من الجير والشحم الحار والليمون والنفط ، الخ…
ومن أجل إعادة بناء الحجارة المفقودة في الدير ، فقد استخدمنا الخليط الجيري، وهو عبارة عن خليط من الجير والرمل و طحين من الطوب.