الموقع والوصف

تقع محافظة إدلب في شمال غرب سوريا وتعتبر مدينة إدلب عاصمتها. تشتهر هذه المنطقة باحتضانها لعدد كبير من المعالم والمواقع الأثرية التي يعود تاريخها إلى مراحل مختلفة تتراوح ما بين فترة ما قبل التاريخ ومرحلة القرون الوسطى. هناك أكثر من 800 موقع أثري وفقا لأرشيف دائرة الآثار السورية. ومن أهم تلك المواقع هناك موقع إيبلا وتل الكرخ وتل المسطومة وتل أفس والمدن الميتة أو المنسية، وقد تم إدراج الأخيرة على لائحة التراث العالمي. هناك متحفان أثريان في هذه المحافظة، وهما متحف معرة النعمان ومتحف إدلب.

تم افتتاح متحف إدلب في أيلول من عام 1989. يقع المتحف عند المدخل الشرقي لمدينة إدلب، ويحتل مساحة تزيد عن 5000 متر مربع. ينقسم المتحف إلى قسمين: المبنى الرئيسي والحديقة التي عرض فيها معظم العناصر المعمارية، مثل الفسيفساء وتيجان الأعمدة والنجفات والتوابيت الحجرية وغيرها. يتألف مبنى متحف إدلب من طابقين يحويان عدة صالات عرض. في الطابق الأرضي، هناك ثلاث صالات للعرض. خصصت الصالة الأولى للتقاليد الشعبية من بين المعروضات نموذجين عن افران لصناعة الزجاج والفخار التقليدي اليدوي. أما الصالة الثانية فهي قاعة الآثار الإسلامية، وتضم مجموعة غنية جداً من العملات الذهبية والبرونزية الإسلامية التي يعود تاريخها إلى العصور الأموية والعباسية والمملوكية والأيوبية والعثمانية. في هذه القاعة، هناك مجموعتان كبيرتان من العملات المعدنية: المجموعة العثمانية المصنوعة من الذهب والتي تم العثور عليها في قرية كللي في منطقة حارم في عام 1990 والمجموعة الفضية التي تم اكتشافها في عام 1999 في تل الفخار. أما الصالة الثالثة فتحتوي على القطع الأثرية الرومانية والبيزنطية والتي تضم قطع زجاجية وبرونزية ونحاسية. كما تضم هذه الصالة عملات رومانية وبيزنطية ويونانية (الإسكندر الأكبر). تم تزيين أرضية الصالة الثالثة بالفسيفساء البيزنطية التي تعرض صور لحيوانات مختلفة ولعناصر معمارية ونباتية.

في الطابق الأول هناك صالتان للعرض، وتضم إحداهما أهم الاكتشافات الأثرية في المنطقة وهي القطع المكتشفة في موقع إيبلا الأثري. أما الصالة الثانية فتعرف باسم “قاعة التنوع” حيث تعرض الاكتشافات الأثرية من المناطق المجاورة مثل تل دينيت، تل أفيس، تل طوقان وتل خان شيخون. تعود هذه القطع إلى فترة تتراوح بين الألف الثالث قبل الميلاد وحتى الفترة الإسلامية. وتسمى الصالة الأخيرة

بغرفة “الميزانين” حيث يمكنك العثور على قطع من تل المسطومة وتل عين الكرخ ويعود تاريخها إلى الألفية السابعة قبل الميلاد.

 

يحتوي مبنى المتحف على مستودع تحت الأرض يتكون من 6 غرف، وتخزن كل غرفة من هذه الغرف عددًا كبيرًا من القطع. تم تخصيص غرفتين من هذه الغرف للقطع الأثرية المكتشفة في موقع إيبلا الأثري (واحدة للرقم المسمارية والغرفة الأخرى لمختلف القطع الأثرية). أما بقية الغرف فتحتوي على قطع أثرية من مواقع مختلفة. وقد نُظمت هذه المستودعات على أساس المواد التي تتألف منها القطع، مثلا غرفة الحجر، غرفة الفخار، … إلخ.

 

 

متحف إدلب الوطني بين 2011-2015

في بداية الانتفاضة الشعبية في سوريا في عام 2011، شهدت مدينة إدلب العديد من الاحتجاجات ضد النظام. لكن القمع المستمر من قبل النظام السوري أجبر المتظاهرين على مغادرة المدينة والذهاب إلى القرى والمدن المجاورة، والتي كان معظمها تحت سيطرة المعارضة المسلحة. ونتيجة لذلك، تمكن النظام من السيطرة على المدينة بأكملها حتى عام 2015.

في عام 2012، حرص العاملون في متحف إدلب، بناء على توجيه من المديرية العامة للآثار والمتاحف، على تنفيذ خطة لحماية القطع الأثرية في المتحف. تم اتخاذ القرار بالحفاظ على جميع القطع الأثرية داخل المتحف، وبشكل أكثر تحديداً، في مستودعات الطابق السفلي. ووفقاً للمعلومات التي تلقيناها، فإن القطع الأثرية التي تم عرضها في قاعات المعرض كانت محفوظة في صناديق ووزعت على مستودعات الطابق السفلي لحمايتها. وضعت القطع ذات الأهمية الكبيرة في نفس الغرفة التي كانت تُحفظ فيها الرقم المسمارية، ووزعت المجموعة المتبقية على المستودعات الأخرى. تم إغلاق الأبواب بإحكام ومن ثم تم بناء جدار من البلوك الإسمنتي لإخفاء مواقع هذه الأبواب. كما تم ملء الممرات المؤدية إلى المستودعات بطبقة من الرمل زاد ارتفاعها عن المتر. ثم تم إغلاق وإخفاء جميع الفتحات الخارجية من أبواب ونوافذ لمنع الوصول إلى المستودعات التي كانت تحتوي على أكثر من 15000 قطعة أثرية من فترات مختلفة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه تم تنفيذ نفس الخطة في متحف حماة. أما في متاحف أخرى، فقد تم نقل القطع الهامة والنادرة إلى البنك المركزي، وفرغت قاعات العرض، بحيث تم تخزين القطع الأثرية في المستودعات، ولكن لم يتم إخفاء الأبواب.

من الصعب تقييم جدوى هذه الخطة المنفذة وكفاءتها في حماية وتأمين القطع الأثرية في متحف إدلب. فقد كان هناك ثغرات قليلة في الخطة تسببت بإلحاق أنواع مختلفة من الضرر باللقى الأثرية. أولاً، لم يتم ضبط المناخ السائد في المستودعات بشكل فاعل ما أدى إلى ارتفاع نسبة الرطوبة بشكل كبير داخل المستودعات. كان ذلك نتيجة لإغلاق فتحات المستودعات لأكثر من ثلاث سنوات. وقد تفاقمت مستويات الرطوبة والحرارة بعد أن ملئت الممرات المؤدية إلى المستودعات بالرمل الذي من شأنه أن يحتفظ بالماء بين حباته.

ثانياً، كان ينبغي تنفيذ خطة الحماية بشكل سري لضمان فاعلية الخطة في حماية القطع الأثرية من النهب. ولكن في الواقع، كان الزوار المحليون للمتحف ومعظم موظفيه على دراية بطبيعة المجموعة المتواجدة في المتحف ومكان تخزينها. ولذلك، فإن موقع المستودعات وفتحاتها كان عرضة للاكتشاف والنهب بسهولة من قبل اللصوص. وثمة مسألة أخرى هي حدة القتال في المنطقة. فقد كان من المستحيل تقريبا ًبطبيعة الحال أن يصمد مبنى المتحف أمام القصف، وبالتالي، كانت القطع الأثرية عرضة بشكل دائم للضرر والدمار كلما تم استهداف المبنى.

متحف إدلب الوطني بعد عام 2015

وعلى الرغم من أن ريف إدلب المحيط بالمدينة كان تحت سيطرة المعارضة، إلا أن مدينة إدلب ظلت تحت سيطرة النظام حتى عام 2015. في بداية عام 2015، بدأت قوات المعارضة بمهاجمة المدينة، وفي نهاية المطاف، تمكنت من السيطرة عليها في آذار عام 2015. ونظراً إلى أن المتحف يقع على المدخل الشرقي للمدينة، أصبح جزءاً من خط التماس الرئيسي في المدينة. وتسببت المعارك الجارية في المدينة بإلحاق أضرار جسيمة بالمبنى وبمقتنيات المتحف. وكان الأسوأ هو الانهيار الجزئي لجداره الشرقي بعد تعرضه لقصف جوي، مما كشف عن محتويات المستودعات. وبشكل أكثر تحديداً، كان الجدار المنهار جداراً جديداً تم بناءه لإخفاء مرآب يحتوي على باب يؤدي إلى المستودعات.

حاول أعضاء فريق مركز آثار إدلب، ومنذ اليوم الأول، التواصل مع المجموعة المسيطرة على المتحف من أجل التوصل إلى اتفاق لتسليم المتحف لجهة ومدنية تحديده وابعاده عن أي جهة عسكرية.

بناء على الملاحظات والمعلومات التي تلقيناها من فريقنا داخل سوريا، يُعتقد أنه بين 28 آذار و4 نيسان 2015، لم يدخل أحد للمستودعات، وحتى ذلك التاريخ، كان لايزال مسموحاً لجميع الزوار بدخول المتحف. وفي الفترة من 7 إلى 8 نيسان، وُضع المتحف تحت إجراءات أمنية مشددة، ومُنع الجميع من دخول المتحف. ويُعتقد أنه خلال تلك الفترة تم اكتشاف موقع المستودعات، وتمكن أفراد الجماعات المسلحة من الوصول إليها. ربما تم الوصول إلى المستودعات من خلال الباب الخارجي الواقع في الجدار الشرقي للمستودعات (الباب ذاته الذي تم الكشف عنه بعد قصف المتحف). وظل الوضع على حاله لمدة أسبوعين تقريباً، حتى 22 نيسان. ولكن خلال تلك الفترة، تمكن فريق مركز آثار إدلب من زيارة المتحف على الرغم من الحظر المفروض على دخول المتحف من قبل المجموعة المسيطرة عليه. لأكثر من عامين، تم منع الاقتراب من المتحف أو دخوله. وكانت السلطات المعنية في المدينة غير قادرة على التوصل إلى اتفاق لتسليم المتحف إلى هيئة مدنية يمكنها حمايته والحفاظ عليه.

المتحف بعد تعرضه للقصف من قبل الطيران الحربي التابع للنظام في بداية شهر حزيران والذي أدى إلى كشف المستودعات وبالتالي تعرضها للسرقة

تدمير اجزاء من سقف المتحف نتيجة قصفه من قبل الطيران الحربي للنظام في حزيران 2016

مع بداية عام 2017، تلاشى الوجود العسكري تدريجياً داخل المتحف وحوله إلى أن اختفى بشكل كلي، وأخيراً ، تم التخلي عن المتحف، وتحول إلى منطقة استراحة للعمال والسائقين. وحتى في ذلك الحين، مُنع فريق مركز آثار إدلب من دخول المتحف لتقييم حالته، لسبب ما زال غير معروف. وفي وقت لاحق، تم اتخاذ قرار بتسليم المتحف إلى مجموعة معينة لحمايته، ولكن هذه المجموعة لم تتمكن من إكمال مهمتها بنجاح. في شباط 2018، أصبح مركز آثار إدلب مسؤولاً عن متحف إدلب. في تلك المرحلة، تعاونت سمات مع مركز آثار إدلب من أجل تقديم التدابير اللازمة لحماية المتحف وإعادة تنظيمه، الأمر الذي بدأ بإنشاء لجنة لجرد المتحف. وتتألف اللجنة من عدد من الكوادر المدنية والقانونية من مدينة إدلب، بالإضافة إلى أعضاء من جمعية سمات. وكشف تقرير أولي أعدته اللجنة عن حالة المتحف أن مبنى المتحف تعرض لأضرار جسيمة بسبب القصف، وأن مستودعات المتحف في حالة تدهور بسبب الرطوبة. كما أشار التقرير إلى أن معظم الخزانات والأدراج في المستودعات التي كانت تحتوي على القطع الأثرية قد فُتحت أو كانت ملقاة على الأرض، وللأسف، فقد عدد كبير من القطع الأثرية. وبشكل عام، لاحظت اللجنة أن مستودعات الألواح والقطع الخزفية والحجرية قد تعرضت للتخريب، وأن مستودع الألواح لم يكن مغلقا ً بشكل كامل. وكان هناك عدد كبير من القطع الأثرية الأخرى المفقودة، ولم تكن الظروف البيئية للمستودعات مناسبة لتخزين القطع الأثرية، وخاصة من حيث مستويات الرطوبة. ومما زاد الطين بلة أن المياه كانت تتسرب إلى أحد المستودعات.

المشروع والأهداف

وعلى الرغم من الأضرار التي لحقت بمتحف إدلب ونهبه، لا تزال المستودعات تحتوي على العديد من القطع الأثرية، بما في ذلك عدد كبير من الألواح المسمارية. يبدو أن المتحف قد فقد القطع الأثرية الأكثر قيمة كالمجوهرات الذهبية والقطع النقدية والتماثيل، ولكن لا يزال هناك الكثير من القطع الأثرية الهامة تاريخيًا وفنيًا والتي يتوجب حمايتها والحفاظ عليها بشكل صحيح. وبعد التشاور مع العديد من المتخصصين والمهتمين، قررت جمعية سمات بالتعاون مع فريق مركز آثار إدلب تنفيذ مشروع لحماية القطع الأثرية المتبقية في المستودعات من خلال إعادة تأهيلها. بدأ العمل في مشروع متحف إدلب في نيسان عام 2018 واستمر حتى حزيران من عام 2019. ولا يزال العمل جارياً لوضع اللمسات الأخيرة على قاعدة بيانات القطع الأثرية في المتحف التي فقدت/سرقت من المتحف، والتي سيتم مناقشتها أدناه.

ويهدف المشروع إلى ترميم مبنى المتحف وإعادة تأهيل بنيته التحتية، وتأمين مبنى المتحف بإحكام، من خلال تدعيم جدرانه الخارجية وأبوابه وغيرها من المنافذ المؤدية إلى المتحف. ثانيا، يهدف إلى تقييم حالة القطع الأثرية وتحديد تدابير الحفظ والترميم التي هي بحاجة إليها. ثالثاً، يهدف هذا المشروع إلى إعداد قائمة بالقطع الأثرية المفقودة ليتم توزيعها على الجهات المختصة من أجل التعرف على القطع المفقودة، وتعقبها، على أمل استردادها مستقبلاً.

مراحل تنفيذ المشروع

تم تقسيم العمل في المتحف إلى المراحل التالية:

  • أولاً: تأمين مبنى المتحف وإدخال التغييرات والمعدات اللازمة على المستودعات من أجل البدء في عمليات الجرد والتوثيق.
  • ثانياً: جرد وتوثيق الألواح المسمارية.
  • ثالثاً: جرد وتوثيق الأيقونات.
  • رابعاً: جرد توثيق بقية القطع الأثرية (الفخار والحجر والزجاج والمعادن).

وشملت المستودعات في متحف إدلب 6 غرف مختلفة، تم ترقيمها من 1 إلى 6، وقد خزنت أهم القطع في الغرفة رقم 1 التي تحتوي على الرقم المسمارية. بعد عام 2012، تم الحفاظ على العديد من الخزانات والعديد من القطع الأثرية في هذه الغرفة. أما الغرفة رقم 3 (مستودع إيبلا) كان بها العديد من الأواني الفخارية والحجرية والزجاجية والمعدنية التي تم اكتشافها في موقع إيبلا الأثري. والغرفة رقم 4 كانت مستودعاً للأيقونات.

وقد اتخذ القرار ببدء العمل في مستودع الرقم المسمارية لأسباب لوجستية ونظراً إلى أهمية مقتنيات هذه الغرفة.

المرحلة الأولى:

تم خلال هذه المرحلة إجراء بعض الإصلاحات في مبنى المتحف من أجل وقف تسرب المياه، الذي نجم عن قصف المتحف في عامي 2015 و2016. كما تم تدعيم مبنى المتحف عن طريق إغلاق الفتحات وإعادة بناء الانهيارات في الجدران الخارجية للمبنى. بعد ذلك، تركز العمل على المستودعات، وبسبب الرطوبة العالية فيها، تم اتخاذ قرار بالعمل على فتح بعض المنافذ التي تم إغلاقها مسبقاً في عام 2012. وكان ذلك ضروريا لتهوية المستودعات والسماح لتيار الهواء بالمرور للحد من الرطوبة. وفي أثناء ذلك، فُتح المدخل الرئيسي للمستودعات، الذي تم ملؤه ورصفه في عام 2012، كما تم نقل طبقة الرمل التي وضعت في الممرات. ومع الانتهاء من هذه الأعمال، تحقق الفريق من أمن أبواب المستودعات ونصب باباً جديداً للغرفة التي كانت تحتوي على الرقم.

بدأت عملية الفرز والتوثيق من مستودع الرقم المسمارية، وبناء عليه تم تجهيز هذه الغرفة وتزويدها بجميع المواد اللازمة لهذه العملية.

المرحلة الثانية: (جرد مستودع الألواح المسمارية)

في هذه المرحلة بدأنا بتوثيق المستودع وإعداد قوائم الجرد للقطع الموجودة. بدأ العمل من غرفة الرقم المسمارية لأنها كانت في حالة جيدة نسبيا.

يحتوي مستودع الرقم المسمارية على العديد من الخزانات الخشبية. وقد وضعت ثمانية من هذه الخزانات في وسط الغرفة، وتم صف باقي الخزانات على طول الجدران. وكانت البعثة الإيطالية قد نظمت هذا المستودع من قبل. وبهدف حماية الرقم المسمارية بشكل صحيح، استخدمت البعثة الإيطالية أكياس فقاعات النايلون والقطن لعزل الرقم. ولكن الرطوبة الناجمة عن إغلاق المستودعات لفترة طويلة، أصابت الرقم بالضرر، وخاصة تلك التي كانت ملفوفة بالقطن. بالإضافة إلى الرقم المسمارية، تحتوي هذه الغرفة على بعض القطع الفخارية والحجرية التي تم وضعها على ظهر الخزانات أو على الأرض.

قبل البدء في العمل، قمنا بتوثيق حالة هذا المستودع، الذي بدا للأسف، مخربًا ومتضررًا. كان باب الغرفة مكسوراً، وكانت معظم الأدراج مفتوحة أو ملقاة على الأرض. كما كانت بعض القطع الأثرية مكسورة ويبدو أن عدداً كبيراً من القطع الأثرية قد فقد.

تم تنظيم عملية التوثيق بطريقة تسهل استرجاع أي قطعة بسهولة. وأعطي رقم لكل خزانة وكل درج. تم تقسيم فريق العمل إلى ثلاث مجموعات، كل مجموعة ذات مهمة محددة. قامت المجموعة الأولى بعملية التوثيق، وقامت المجموعة الثانية بتصوير القطع الأثرية، وركزت المجموعة الثالثة على أرشفة قاعدة البيانات وإعدادها.

تم نقل الوصف والقياسات المدرجة والأرقام المسجلة لكل قطعة في سجلات المتحف إلى قاعدة البيانات. أعطينا رقم جرد جديد لكل قطعة وأضيف إلى بياناتها توصيف للضرر الذي أصابها مؤخرا إضافة إلى عدة صور توثق حالتها. وبعد الانتهاء من الجرد وعملية التوثيق، وضعت كل قطعة في درج في الخزانة المخصصة لها. كما تم وضع مواد جديدة لعزل الألواح المسمارية بشكل أفضل للحفاظ عليها.

طريقة العمل

في البداية، ركز العمل على الألواح المسمارية فقط. أي أن القطع الأثرية الأخرى في هذه الغرفة لم يتم تسجيلها في هذه المرحلة. ركزت هذه المرحلة على إعادة ترتيب الخزانات ووضع الألواح فيها. وأنجز العمل على النحو التالي:

  • تنظيف الخزانات، وإزالة التعفن واستبدال أكياس الفقاعات.
  • ترتيب الألواحالمسجلة وغير المسجلة في كل خزانة والاحتفاظ بالأجزاء غير المسجلة في درج واحد.
  • تسجيل الألواح المقيدة في سجلات المتحف وإعطائها أرقام جرد جديدة كتبت على القطع بالحبر الصيني الأسود إلى جانب رقم المتحف السابق. تم ترميز الأرقام الجديدة بالحرف(م)، وبناء عليه تمت كتابة كل رقم على النحو التالي م/1 ثم تتبع الأرقام بالتسلسل.
  • بجانب كل لوح وضعنا تسمية صغيرة مع الوصف: رقم المتحف، والرقم التسلسلي الجديد، واسم القطعة ومادتها المصنوعة منها، مع بعض الملاحظات الإضافية.
  • بعد الانتهاء من الجرد، تم عزل كل درج بطبقة من النايلون ذو الفقاعات وورقة من الورق المقاوم للرطوبة.
  • إعطاء كل خزانة وكل درج رقم جديد.
  • وضع الألواحالمتضررة في صندوق معين.
  • إنشاء سجل يحتوي على المعلومات الأساسية لكل لوح تمت أرشفته.
  • تسجيل جميع الألواح التي تمت أرشفتهاوتوثيق جميع مراحل العمل بالصور والفيديو.
  • أرشفة جميع الألواح المسمارية من خلال قاعدة بيانات إلكترونية أعدت خصيصا لهذا العمل. تتضمن قاعدة البيانات المعلومات المدرجة في سجل المتحف لكل قطعة، إلى جانب الرقم التسلسلي الجديد والملاحظات الجديدة.

 

مستودع الرقم المسمارية قبل بدء عمليات الحفظ و الحماية.

المرحلة الثالثة: جرد مستودع الأيقونات

تم تخزين الأيقونات بشكل رئيسي في المستودع رقم 4. كانت غرفة صغيرة تحتوي على رفوف معدنية. تم ترتيب الأيقونات على الرفوف، ولكن بعضها، وخاصة الكبيرة منها، وضعت على الأرض مباشرة. لم يكن لهذه الأيقونات رقم متحف، مما يعني أنها لم تكن مدرجة في سجل المتحف، ولكن كان لديها رقم تسلسلي. تضررت معظم الأيقونات بشكل كبير بسبب الرطوبة العالية والتعفن. وقد دُمر بعضهم عمداً بإلقائها على الأرض وكسر قواعدها الخشبية. بعض هذه الأيقونات فقدت بشكل كامل الطبقة العلوية منها التي تحتوي على الرسومات والألوان، ولم يبقى منها سوى القاعدة الخشبية.

قاعدة البيانات، إعادة التخزين

كانت عملية نقل الأيقونات من مكانها إلى مستودع آخر (الغرفة رقم 1) صعبة وقد استغرقت وقتًا طويلاً بسبب هشاشتها. لم يتم نقل أي من هذه الأيقونات أو توثيقها إلى أن تم تقليل نسبة الرطوبة في المستودعات عن طريق التهوية الطبيعية. أي أنه لم يتم نقل هذه الأيقونات من بيئة رطبة فجأة إلى بيئة جافة. وقد أُخذت جميع التفاصيل في عين الاعتبار للحفاظ على سلامتها وعدم التسبب بمزيد من الضرر لها. نقلت الأيقونات من الغرفة رقم 4 إلى الغرفة رقم 1 ليتم تخزينها في الخزانات التي تم إعدادها مسبقاً لهذا الغرض. تم صنع صناديق جديدة خاصة بالأيقونات الكبيرة التي لم تتسع في الخزانات. وتتابعت عمليتا النقل والحفظ على النحو التالي:

  • نقل الأيقونات عن طريق وضعها على حامل أفقي مستو.
  • تزويد الأدراج بمواد العزل والحماية، مثل أكياس الفقاعات وطبقتين من مادة البولي إيثيلين العازلة للحرارة بسماكة 2 سم.
  • تثبيت الأيقونات عن طريق وضع إطار حول الأيقونة وملء المسافة بينها وبين حواف الدرج بالبولي إيثيلين لمنع تحركها أثناء فتح أو إغلاق الدرج.
  • تم إعطاء رقم جديد لكل أيقونة على النحو التالي: م-أ(1)،الـ”م” لـ(متحف) ،أ لـ(أيقونة) والرقم التسلسلي بدءًا من
  • جمع الأيقوناتالمكسورة والشظايا ووضعها فيصندوق.
  • بجانب كل أيقونة أضفنا بطاقة تحمل المعلومات الأساسية عنها.
  • تم إنشاء سجل منفصل لقوائم جرد هذه الأيقونات لأنها لا تمتلك أرقام متحف.

 

 

المرحلة الرابعة: جرد القطع الأثرية الأخرى (مستودع إيبلا)

بعد الانتهاء من توثيق الأيقونات، بدأنا بتوثيق القطع الأثرية الأخرى المحفوظة في المستودع رقم 1. وكان هذا المستودع يحتوي على العديد من الأوعية الفخارية الصغيرة والمتوسطة الحجم، فضلا عن شظايا الفخار وقطع من العظام وقطع صغيرة من الحجر. وكانت غالبية القطع ملقاة على الأرض. ويبدو أنهم كانوا محفوظين في صناديق خشبية وبلاستيكية فوق الخزانات التي ألقيت على الأرض لاستخدام الصناديق لنقل الألواح المسمارية وغيرها من القطع الثمينة من قبل أولئك الذين نهبوا المتحف.

بسبب الفوضى والتخريب الذي لحق بمحتويات المستودع، تم تدمير العديد من القطع الأثرية، خاصة الفخار والعظام. كان الأسوأ أن القطع لم تكن بجانب بعضها البعض ولكنها متناثرة بشكل عشوائي على أرضية المستودع، مما جعل عملية جمع شظايا هذه القطع صعبة للغاية. وكانت معظم القطع بدون صناديق أو أكياس، وبدون تسمية، لذلك لم يكن من السهل التعرف عليها وتوثيقها.

عملية الجرد:

  • إعطاء هذه القطع الأثرية رقم جرد جديد بدءا من العدد الأخير الذي أعطيناه للألواح المسمارية (547). كما واصلنا التسجيل على نفس قوائم الألواح المسمارية.
  • استخدمنا نفس الطريقة التي استخدمناها لجرد الألواحالمسمارية.
  • بجانب كل قطعة وضعنا بطاقة تحمل رقم المستودع، رقم سجل المتحف والمزيد من المعلومات والملاحظات عن القطعة.
  • تم وضع جميع الشظايا والقطع المكسورة أو الأجزاء المنفصلة التي تحتاج إلى إصلاح في وقت لاحق في أكياس نايلون مفتوحة.
  • تم الحفاظ على مقتنيات المتحف الكاملة في الأدراج الفارغة من خزانات الألواح المسمارية، بعد تنظيفها وعزلها بأكياس وورق الفقاعات.
  • الحفاظ على القطع الهشة، وخاصة العظام، في صناديق معزولة مع طبقة من الرغوة.

بعد الانتهاء من هذه الغرفة، بدأنا العمل على جرد الفخار والقطع الحجرية التي تم تخزينها في الغرفة رقم 5، والمعروفة باسم (مستودع البازلت). تم استخدام نفس الأسلوب لترقيم وتوثيق هذه القطع.

في تشرين الأول من عام 2018، تم الانتهاء من عمليات الفرز والجرد لكن التوثيق الفوتوغرافي لم ينته في نفس الوقت واستمر لمدة شهر إضافي. كما استغرقت إضافة هذه المعلومات إلى قاعدة البيانات والتحقق من توافقها مع سجل المتحف وقتا أطول، حيث لم يتم الانتهاء منها بعد. ما يزال العمل مستمراً في لحظة إعداد هذا التقرير لاستكمال قاعدة البيانات وتحديد القطع المسروقة من تلك التي لا تزال في المتحف. هذه المرحلة على درجة غاية في الصعوبة بسبب فقدان العديد من أرقام المتحف، وخاصة أنه من الصعب جدا التعرف على الأواني الفخارية والزجاج المدمرة من تلك المنهوبة.

نتائج المشروع وقواعد البيانات

من خلال هذا المشروع تمكنا من تحديد ثلاثة أنواع مختلفة من المخاطر التي أضرت بمجموعة المتحف. أولاً، الرطوبة التي بدأت وتفاقمت نتيجة لإغلاق مبنى المتحف لفترة طويلة دون اتخاذ التدابير المناسبة للسيطرة عليها. ثانياً، القصف المتكرر للمتحف من قبل القوات الحكومية السورية الذي لم يؤدي فقط إلى انهيارات جزئية في مبنى المتحف فحسب، بل ألحق أضرارا ً أيضاً بالبنية التحتية للمبنى. فقد تضررت شبكة المياه في المتحف، وبدأت المياه بالتسرب إلى داخل المستودعات كما كان الجزء الداخلي من المتحف معرضاُ للأمطار. ثالثاً السرقة وتخريب المستودعات من قبل المجموعات التي كانت تسيطر على المتحف.

وقد وقعت أعمال النهب بعد أن كشف أحد الموظفين السابقين في المتحف عن موقع المستودعات للجماعات التي كانت تسيطر على المدينة. على الرغم من كل الجهود التي بذلها المجتمع المحلي والعاملون في مركز آثار إدلب لتأمين والحفاظ على القطع الأثرية في متحف إدلب، فقد سرقت العديد من القطع الأثرية بما في ذلك بعض القطع الهامة جداً. حاليا، ما يزال المتحف يحتوي على مجموعة صغيرة جداً مقارنة بما كان يحتويه سابقا قبل عام 2015.

الرقم المسمارية : من خلال هذا الجرد تمكنا من توثيق عدد الرقم المسمارية التي يمتلكها المتحف. للأسف، وجدنا فقط 546 رقيم كامل من أصل 2201 رقيم كامل مسجل في سجل المتحف. وهذا يعني أن أكثر من 1550 رقيم قد فقد أو سرق.

تم تنظيم المستودعات وترتيبها بطريقة متتابعة وواضحة لتسهيل الوصول إلى أي قطعة أثرية في أي وقت. تم تحديد القطع المتضررة التي تحتاج إلى تدخل اسعافي، وتحديد نوع التدخل المطلوب لها وجدولته. وقد وضعت جميع الرقم  التي لم نتمكن من التعرف عليها أو تلك التي لدينا شكوك حولها في قائمة منفصلة، (27 رقيم). وقد اتبعت نفس طريقة العمل في المستودعات الأخرى، مثل مستودع الحجر والفخار. أما بالنسبة للقطع التي تضررت من الرطوبة، وخاصة الأيقونات واللوحات، فقد قمنا بتقديم التدابير المناسبة للتخفيف من الأضرار المؤثرة عليها. وقد تم تخزينها بشكل آمن إلى حين أن يتم تقديم التدخل المناسب لها.

التحف الأخرى: بالإضافة إلى الرقم المسمارية، يحتوي سجل المتحف على 7500 قطعة مسجلة. لكن عدد القطع التي وجدناها من خلال الجرد والتي تتطابق مع سجل المتحف لا يتجاوز ثلاثة آلاف قطعة. وهذا يعني أن هناك حوالي أربعة آلاف قطعة مفقودة أو مسروقة. وتشمل هذه القطع: المجوهرات، والعملات الذهبية والفضية والتماثيل الصغيرة التي عثر عليها في إيبلا، والأختام الأسطوانية أو المسطحة والفخار من إيبلا أو من مواقع أثرية أخرى مثل تل الكرخ، وتل المسطومة، وتل دينيت، وتل أفس.

وقد تم الكشف عن العديد من مقتنيات المجموعة عن طريق الخطأ أثناء أعمال بناء الطرق والمباني، وصادرت السلطات قطع أخرى. المشكلة مع هذه القطع هي أن معظمها لم يتم توثيقه، وبالتالي، فإنه من الصعب تزويد الإنتربول بصور عنها لأننا لا نملك صورًا لها. ومن الصعب الحصول على الصور لها إن لم يكن لدى المديرية العامة للآثار والمتاحف سجلات لهذه القطع. أما بقية القطع فقد عثر عليها في المواقع الأثرية. وقد تم تصوير هذه القطع وتوثيقها من قبل البعثات العاملة في الموقع بمجرد اكتشافها. وبناء على ذلك، سيكون من الأسهل استرجاع صورهم ووثائقهم من أجل إعداد قاعدة بيانات ليتم إرسالها إلى الإنتربول.

قواعد البيانات

من خلال عملية التوثيق والجرد التي قمنا بها خلال الأشهر الماضية، تمكنا من إعداد قاعدة بيانات مفصلة تحتوي على جميع المعلومات التي تمكنا من الحصول عليها عن كل قطعة أثرية تم العثور عليها وحفظها وتخزينها في مستودعات متحف إدلب. تتضمن قاعدة البيانات هذه رقم الجرد الجديد المعطى لكل قطعة، إلى جانب الرقم المتحفي القديم. كما تتضمن الوصف المعطى لكل قطعة مع أبعادها وجميع المعلومات الخاصة بها في سجل المتحف. وفي كثير من الحالات أضيفت ملاحظات جديدة للإشارة إلى التغييرات التي حدثت لكل قطعة، مثل التكسير أو التشويه أو الضرر الناجم عن الرطوبة، أو التخريب أو السرقة.

تم تقسيم العمل إلى قسمين، القسم الأول يضم قاعدة البيانات الخاصة بالرقم المسمارية، والقسم الثاني خصص لباقي القطع الأثرية. أنهى الفريق في سوريا قاعدة بيانات الرقم المسمارية وتم إرسالها إلينا في نهاية عام 2018. بدأنا العمل على قاعدة البيانات هذه لترجمتها إلى اللغة الإنجليزية وإضافة المزيد من المعلومات والصور. وبالنسبة لهذا الجزء من العمل، تعاونا مع مختصين ممن لديهم خبرة ومعرفة بهذه الرقم المسمارية. وبالنظر إلى العدد الوفير من الصور تم الاتفاق على إضافة رابط يدل على كل مادة منشورة تتضمن معلومات عن اللوح نظراً إلى أنه هناك الكثير من المواد التي تم نشرها عن الرقم المسارية من قبل المختصين الذين أشرفوا على دراسة هذه الرقم، وتتضمن هذه المنشورات الكثير من المعلومات والصور لكل لوح مسماري.

وقد بُذلت عدة محاولات للاتصال بالإنتربول من خلال موقعها على شبكة الإنترنت، أو بمساعدة بعض الأشخاص الذين يتعاملون معهم بشكل مباشر. وللأسف، لم نتمكن حتى الآن من إقامة اتصال مباشر معهم. لذلك، لم نتمكن من تسليم قاعدة بيانات الخاصة بالرقم المسمارية المسروقة من متحف إدلب إلى الإنتربول لإضافتها إلى قاعدة بياناتهم.

%d مدونون معجبون بهذه: