تعد تجربة حماية متحف معرة النعمان مثالاً واضحاً على وعي الثورة وإرادة الشعب السوري في حماية تراثه وإيمانه بذلك. وتبين مدى إدراك المختصين بهذا المجال بضرورة الوقوف يداً بيد مع مختلف مكونات الشعب لتحقيق النجاح والحفاظ على إرث سورية التاريخي

تمت عملية الحفاظ على مقتنيات المتحف بالتعاون بين الآثاريين السوريين المنفصلين عن النظام مع جمعيات مدنية تضم آثاريين مستقلين قاموا بعملهم من خلال تلقي الدعم الفني من خبراء آثار وباحثين سوريين في المهجر وبالتنسيق مع المجتمع المحلي لمدينة معرة النعمان والذي قدم مثالاً يحتذى به بالغيرة على مدينتهم وحبهم لها. وما كان ليكتب النجاح لهذه التجربة لولا الدعم والحماية للمتحف من قبل سلطات الأمر الواقع المدنية و العسكرية في المدينة

في عام 2012 سيطرت فصائل المعارضة على مدينة معرة النعمان وسعى أهالي المدينة للحفاظ على متحفها الذي يعد مصدر فخر لهم. ومع الإستقرار النسبي في المنطقة عام 2014 وعودة الحياة إلى مدينة المعرة تمكن فريق مركز آثار إدلب[1] وبالتنسيق مع أهالي المدينة وثوارها من التدخل في المتحف لحماية لوحات الفسيفساء والقطع الحجرية المحفوظة فيه إضافة إلى حماية القطع الأثرية المخبأة في أحد أقبية المتحف. حيث تمت تغطية لوحات الفسيفساء من قبل مركز آثار إدلب بأكياس الرمل بعد عزلها باستخدام مواد قابلة للإزالة تحميها من الشظايا والقصف، وذلك بعد تلقي فريق العمل دورة تدريبة على عملية الحفظ والتوثيق الطارئ نظمت في مدينة غازي عنتاب التركية من قبل آثاريين سوريين بالتعاون مع منظمة اليوم التالي وبدعم من مبادرة شوسي (حماية الآثار في سورية والعراق) التي قامت بها جامعة بنسلفانيا ومنظمة الدرع الأزرق وبتمويل من مؤسسة السيمثسونيان. كما جرت عمليات تدعيم إسعافي لأجزاء متضررة من سقف المتحف. في حين تم الإبقاء على القطع الأثرية المخبأة في القبو مكانها لتوفر شروط الحماي

 

وفي 15/06/2015 تعرض مبنى المتحف للقصف ببرميلين متفجرين من قبل طيران النظام أدت إلى انهيار أجزاء من الرواق الشرقي وواجهة المسجد في باحة المتحف، كم تضررت العديد من القطع الأثرية وبعض لوحات الفسيفساء لكن أكياس الرمل التي تم وضعها أمنت الحماية لأغلب اللوحات الفسيفسائية. وقام فريق مركز آثار إدلب بتوثيق الأضرار والوضع الراهن للمتحف آنذاك

وكانت هذه آخر أعمال مركز آثار إدلب في المتحف حيث تابع الإشراف على المتحف جمعية أخرى على أمل تدعيم مبنى المتحف بعد القصف الذي أصابه مرة أخرى في تاريخ 05/09/2016. واستمر أهالي مدينة معرة النعمان بالحفاظ على المتحف بالتعاون مع ثوار المدينة حتى بداية عام 2019. ونتيجة التغيرات العسكرية والسياسية تم إلحاق إدارة المتحف لمجلس مدينة معرة النعمان المحلي والذي حافظ على الوضع الراهن للمتحف حتى آخر يوم له في إدارة المدينة مع المحافظة على أسلوب الحماية السابق

أدت المعارك الأخيرة لسيطرة جيش النظام على كامل مدينة معرة النعمان بتاريخ 29/01/2020 وتهجير كامل سكانها وبدأنا نسمع أبواق إعلامية كاذبة تمجد جيش النظام وعامليه على حماية متحف المعرة نقول لهم إن الدبابات التي اجتاحت المدينة ويدعي أصحابها حماية المتحف هي نفس الدبابات التي كانت تدك المدينة ومتحفها من تلال وادي الضيف بالأمس القريب

ونحن في مركز آثار إدلب نؤكد على أهمية متحف معرة النعمان ونشيد بدور أهالي المعرة بالحفاظ عليه ونشكر كل من ساهم في حماية المتحف والحفاظ عليه ونتوجه لهم بأسمى عبارة الشكر وهم

 أهالي معرة النعمان (المجلس المحلي – مثقفي المدينة)

 الثوار من أبناء معرة النعمان

 الآثاريون السوريين في المهجر: (سلام القنطار – شاكر الشبيب – علي عثمان – عمرو العظم)

 منظمات المجتمع المدني المعنية بحفظ التراث.

 الجامعات والمتاحف والهيئات الدولية (مؤسسة سميثسونيان– جامعة بنسلفانيا – منظمة الدرع الأزرق)

 الأصدقاء والباحثين (BRIAN DANIELS – CORINE WEGENER)

محمد صبيح


 

[1] ونشكر أعضاء الفريق الذين قدموا الكثير لحماية مقتنيات المتحف وهم: الآثاريين أيمن نابو رئيس مركز آثار ادلب، منير قسقاس، حسان إسماعيل، احمد عنان، احمد خنوس، موفق طوير، نايف القدور والمهندس عبد الرحمن يحيى.

%d